مـــواسم المطــر ..(4)..انتظــــار
لم تكن المرة الأولي التي يوقظني فيها صوت المطر فمنذ سنوات
أصبحت معتادة علي ذلك. منذ احترفت الانتظار وكثيرات هن مثلي ألقاهن في
اليقظة والأحلام.
نساء
يشبهن النساء. يرتدين مثلهن ويتحدثن أحاديثهن. تحن العطور إليهن و يأبين
الوصل .يمشطن شعورهن بلا زينة وتكتحل عيونهن بالسهد والأرق .عندما يتخلي
عنهن حتى النوم.
في ليل الشتاء البارد. يدق المطر
سمعهن وتعصف بهن رياح الوحدة ولا يبقي لهن إلا الذكريات ونيران المدفأة
التي سرعان ما تخبو مع انفلات حبات العمر بلا عودة.
ولا يعرفن ماذا يفعلن غدا غير الانتظار الأبدي؟؟.
أتذكر؟؟!! كيف كان الشتاء موسم البهجة يوما ..!! هل هو نفس الشتاء ؟؟ ..أم أن المطر أنكرنا ؟؟!!
هو المطر الذي طلب ودنا ذات يوما.أصبح اليوم أشد الأعداء حين افترقنا.
ما أقساه حين يبدل موقفه منا ؟؟ كان يمكنه أن ينسانا ويكتفي ؟؟ لماذا يأتي ليعذبني .؟؟ لماذا لم يرحل مع أشيائك الأخرى
مقعدي
بجوارك ، زجاج تبلله قطرات المطر ، والعابرون أمامنا يفرون من هجوم
الشتاء المباغت ، فنجان قهوتك الساخن، دخان سيجارتك الذي يهاجمني فتدمع
عيناي .الآن أشياء أخري تبكيني ..غياب كل هذا يحزنني ..كل ما كان لك أصبح
ضدي.
حاولت كثيرا منذ
غيابك أن أقلع عن انتظارك لكنك لم تمنحني أبدا فرصة لذلك. وكأنك تشعر بي
علي البعد أن كدت أبرأ منك فتأتي محادثتك الهاتفية لتذكرني بأن ما أشتكيه
هو مصدر سعادتي . وتعود بي إلي غرفة الانتظار الباردة وأنا أشعر بالذنب
حين أحصي تلك المسافة التي قطعتها في ليل الغربة وجليدها لتطمئن علي .
قدير
أنت أيها العاشق المدعي و في كل مرة لديك عذر أغفره قبل أن أستمع إليه
وإخفاق تلقي به علي كتفي الذي ما عاد قادر علي تلقي المزيد.
حتى
علمت الخبر مصادفة أنت لن تعود اليوم ولا غدا وأن فعلت فستأتي مع زوجتك
الأوربية ..نعم لقد تزوجت . وأنا من ظننت أنك تحادثني كثيرا لأنك اشتقت
إلي . وأنت من كنت تخشي أن يأتيك صوتي وأنت معها .
كيف
أتوقف عن احتراف الحنين إليك ؟؟ كيف أقنع هذا القلب المملوء بالغياب أنك
لن تعود إليه وكيف سأترك غرفة الانتظار الباردة وعلي جدرانها ذكرياتي ومن
سيضمني سواها .
جاء صوتك مبررا وحاملا حمل جديد يلقيه علي لكنني ما عدت أهتم بما تعانيه. ماذا عني أنا ؟؟ وعن ما أعانيه ؟؟
قطعت
خطوط اتصالنا وما عدت أرغب في جرعة جديدة من صوتك ولو كان الثمن هي سنوات
من عمري . فلن أمنحك دقيقة أخرى أضافية. ففي كل الأحوال أنا من سدد
الفاتورة الباهظة .
عفوا فهذا القلب أصبح خارج التغطية.
تعليقات
إرسال تعليق