سكــر ♥نبــــــات...................الحلقة الخامسة




دون أي تأثير ليوم الأمس المرهق وليلته الطويلة أيقظتني جدتي بوجه صبوح مشرق لكي أصلي الفجر بينما شعرت أنا بإرهاق ورغبة شديدة في النوم حاولت التغلب عليها بماء الوضوء البارد وبعد الصلاة فتحت النافذة  بحثا عن نسيم الفجر المنعش كنت أريد أن أكون في استقبال صغيرتي سلوى ..بدت السماء رائعة وهي تبدل ثوب الليل الهادئ بضياء تزفه العصافير الصغيرة التي استيقظت مبكرة استعداد لرحلتها اليومية..كان كل شيء ينبأ بيوم أخر سعيد كيوم أمس ..بدأ المصلون في الخروج من المسجد القريب ورأيت خالي يتجه لمنزلنا بصحبة ولديه ومعهم جارانا كانت أول مرة أراه خارجا من المسجد في هذا الوقت ...كنت ما أزال أرتدي ثوب الصلاة الفضفاض لمحني خالي  ورسمت ملامحه صورة للرضا والسعادة بينما نظر مروان إلي بدهشة ثم تنقل ببصره صوب السماء كمن يبحث عن شيء لا يراه ..تخيلت أن الجميع سيعودون للنوم مرة أخري لكني بعد دقائق سمعت جدتي تناديني لتناول الإفطار ..لكنني تعللت بأن الوقت مبكرا جدا علي تناول أي شيء وأنني سوف أنام ثانية بعد قليل ..كانت محاولة فاشلة بالطبع فقررت أن أسرع لأعود للنافذة قبل مجيء  سلوى ...فتناولت طعامي بسرعة كبيرة وبمجرد انصراف خالي  وجدتي تبعتهما متوجه لغرفتي.حينها أوقفني مروان ليبدأ مزاح سخيفا أو مشاجرة صغيرة ..نظرت إليه في ضيق وتحد
- ماذا تريد..؟؟
- أبدا .لا شيء ...لكن هل تقومي بعد النجوم في الصباح.؟؟!!
- إي نجوم لقد كنت أنتظر سلوى
- سلوى ..أعرفها .صديقة أدهم الصغيرة
كان خطأ مروان بالنسبة لي لا يغتفر فسلوى صغيرتي أنا وصديقتي أنا أدهم يسيء معاملتها ويقسو عليها ...كانت شرارة مروان كفيلة بإشعالي هذه المرة .فتهكمت علي أدهم ووصفته بالمنافق لأنه يرسم صورة مغايرة عن نفسه لينال استحسان الآخرين ومحبتهم.فيدعي رعايته للصغيرة ومحافظته علي الصلاة في المسجد.كان زياد يرقبنا ويتابع حديثنا فثار عند سماعه لكلماتي في حق أدهم بل اتهمني بسوء الأخلاق فليس لي الحق في الحديث عن شخص غائب بهذه الطريقة ولا الحكم عليه دون معرفته . كانت غضبة زياد لا تقارن بشرر مروان ومزاحه كانت عاصفة نارية لفحتني وشعرت بجسدي يشتغل ويرتجف وهرعت إلي غرفتي أستجير من النار بفراشي وأدفن رأسي في وسادتي حتى أرهقني البكاء وأرهقته عيناي فأسلمتهما إلي النوم لكي يستريح الجميع ...


لقد نسيت سلوى مرة آخري ..كان هذا كل ما شغل تفكيري عندما استيقظت بعد عدة ساعات فقفزت إلي النافذة لألقي التحية علي الصغيرة المختبئة من حر الشمس داخل الكشك الخشبي مع أمها ...كنت علي وشك مناداتها حين دخلت جدتي تطمئن علي
- سارة ظننتك نائمة
- كنت نائمة  بالفعل ..لقد استيقظت منذ قليل
- تعالي أجلسي معنا قليل فمروان سأل عليكِ أكثر من مرة
لم أكن أنوى الخروج بعد عاصفة الصباح ..لكن جدتي أشارت بأنه  لابد يريدني في شيء هام فقد ترك والديه وأخيه يذهبون لشقتهم الجديدة دونه ..لم يخرجني فضولي لمعرفة الأمر  الهام بالطبع كنت أعرفه لكن خرجت لأن زياد لم يكن موجود
برغم حرارة الجو انتابتني رجفة لدي خروجي من الغرفة وملاقاة السيدة أمينة أمامي لم تفلح ابتسامة مروان و مزاحه في  تخفيف شعوري  بالضيق من وجودها  لم يكن شعوري بخفي عن مروان فستأذن جدتي أن يصطحبني إلي درس اليوم الذي كان  بعد أكثر من ساعة لكنني شعرت برغبة في مغادرة المنزل ولم أفكر في رفض جدتي التي لم تمانع  انصرافي مبكرا عن موعدي مع مروان 


استأذنت مروان في الاطمئنان علي سلوى قبل الذهاب لم أكن أدري أين سنذهب فالموعد مبكر جدا والمركز قريب من المنزل ..وتعجبت لإصرار مروان الذهاب بسيارته .لكنني أطعته وجلست بجواره أرشده للطريق  ممرنا بالمركز ولم يتوقف مروان ..وأشار لأنه قد عرف المكان وسنعود قبل موعد الدرس..وأنطلق في اتجاه كورنيش البحر حيث أوقف السيارة وأحضر لي أيس كريم ...كنت أري في كل هذا تمهيدا لمناقشة مشكلة الصباح لكنه لم يفعل ..تملكني شعور بأنه  نسي وجودي  حين أخذ يراقب الطيور ويلتهم الأيس كريم كطفل صغير  ..وبعد انتهائه نظر في ساعته وألتفت إلي
- مازال هناك بعض الوقت حتى موعد الدرس
- نعم  ما يقرب من ساعة
- هل تريدي أن أحضر لك  شيء أخر
- لا شكرا
وعاد الصمت ثالثنا  لبعض الوقت ...حتى قررت أن أحدثه أنا
- مروان  ما هو الأمر الهام الذي أردتني من أجله؟؟
- أردت أن تحدثيني أنت عن أمر هام ..لماذا تنفرين من أدهم ووالدته بهذا الشكل؟؟
- أنا ...في الحقيقة لا أحبهم
- أسمعيني سارة ..لقد لاحظت أنكِ لا تعامليهم بطريقة جيدة منذ وصلنا
حاولت أن أقاطعه لكنه لم يعطيني فرصة
- هؤلاء الناس طيبون  جدا وليسوا بحاجة أن يدعوا شيء أو يحسنوا من صورتهم أمامنا لسبب بسيط نحن لا نملك لهم ضر ولا نفع بالعكس نحن نحتاج إليهم
- أنا لا أحتاج إليهم في شيء ..ولا أدري في أي شيء تحتاجهم أنت
- ألم تفكري في شيء بسيط ..من كان يعتني بجدتنا قبل أن تأتي لتقيمي معها
- جدتي ليست بحاجة لعناية أو رعاية فهي ليست مريضة وقادرة علي خدمة نفسها جيدا
- ليست الخدمة هي كل شيء  أنها سيدة كبيرة في السن تعيش وحيدة علي الأقل تحتاج لشخص ما يسأل عنها ويؤنسها ..هل فكرت في مشاعرها وهي وحيدة برغم إن لديها أبناء ..هؤلاء الناس فكروا بها ورعوها في حين لم تفعل ابنتها هذا أي كانت المشاكل بينهما هذا ليس عذرا
كان ذكر مروان لأمي كطعن سكين في قلبي هممت أن أصرخ فيه بأنه ليس ذنبي لكنه كان قد أدرك ما أردت قوله
- أنا لا أحاسبك يا سارة عن ذنب لم تقترفيه بل ألومك علي ما فعلتيه أنت لم تكتفي بسوء معاملتك لأدهم ووالدته لكنك أيضا ظننتِ بهم السوء أتهمتهم بالنفاق ..ولا اعتقد أن لديك دليل علي اتهامك هذا لأني أعلم أنهم أناس طيبون بالفعل .أسمعيني سارة ...لا تحكمي علي الناس بانطباعك الشخصي عنهم
 شعرت بأنه لا كلام لدي انتهت لغة الحروف ولأول مرة تنطلق دموعي دون خجل منها ..منحني مروان منديل وطلب مني أن أكف عن البكاء لكنني لم أستطع
- لا تبكي يا سارة أرجوكِ البكاء لا يصحح الأخطاء ويجب أن تعتذري من زياد أيضا لقد غضب من أجلك وليس منك يجب أن تدركي هذا هيا سنشتري أيس كريم مرة أخري وننسي أي شيء محزن يجب أن تذهبي إلي درسك ..
تذكرت حديث جدتي عن سكر النبات فأخرجت قطعة منه لمروان فما أن رآه حتى ضحك بشدة
- آآآآآآآآآه جدتي والسكر النبات ...هل أخبرتك جدتي بهذه القصة ؟؟
 التقطت مني مروان قطعة السكر وأنطلق بالسيارة في اتجاه العودة لمركز الدروس الخصوصية  ووعدني أن يأتي ليأخذني بعد انتهائي من الدرس لنذهب لشقتهم الجديدة بصحبة جدتي ..
ألتفتت حولي الفتيات لدي رؤيتهم لمروان يسألوني عنه بصفته أخي لم أكن أنتبه أنه يشبهني لكنهن قالوا ذلك كنت من أعماقي أضحك عليهن وهن يتنافسن علي كي  أجلس بجوار أحداهن دون الأخرى ..فقررت عدم النفي أو الإثبات..بل تعمدت أن اخبرهن أن جدتي ستأتي مع مروان بعد الدرس لاصطحابي .فتنافسن علي مؤانستي حتى يصل مروان وجدتي راقني نفوذ أخت مروان كم أسعدتني محادثته لي جعلتني أفكر بعيدا عن جدتي وعن السيدة أمينة وولده جعلتني أفكر في أبي وأمي أن أتصل بهما واسأل عليهما ربما كان يحتجان إلي كما أنا بحاجة إليهما حتى وإن أنكرت ذلك

اصطحبنا مروان لشقتهم الجديد كانت عبارة عن طابقين في أحد الأبراج الحديثة المواجهة للبحر  منحني خالي غرفة لي وحدي بجوار غرفة جدتي وطلب مني اختيار ألوانها وأثاثها علي زوقي كما فعل مع جميع أفراد الأسرة
كان زياد في غرفته أخذني مروان للحديث معه وعقد معاهدة صلح بيننا كان شرطها الوحيد  المعاملة لحسنة للسيدة أمينة وولدها . وكان هذا ما حاولته خلال أسبوع انشغالنا فيه جميعا في أعداد الشقة..اتصلت في الأسبوع بأمي عدة مرات و وعدتني أن تأتي لقضاء يوم معنا  وذهبت لأبي في زيارة قصيرة وأخذت معي هدية صغيرة لأخي ماجد .وتشاجرت مع مروان عدة مرات كان يمنحني بعد كل مشاجرة قطعة حلوي حتى أنني تخيلت أنه يتعمد الشجار معي ليعطني الحلوى

قررنا أن  تخصيص حائط لثلاثتنا كل ما جمعنا سويا هذه العطلة وما سيجمعنا العطلات القادمة  ووقع الاختيار علي الحائط المجاور لغرفتي لأنها تقع في الدور العلوي ولن يؤثر أفسادها- إن أفسدنها- علي مظهر الشقة  .حينما انتهينا من أعدادها ووضعنا توقيعنا علي الحائط انتابني أحساس غريب لدي رؤيتي لاختلاف ألقابنا لقد جعلني هذا الأسبوع أشعر أنني في أسرتي وبين أخويا ..فكتبت سارة أحمد (خالد) لكي  أجعل لقبي مثل زياد ومروان

وفي نهاية الأسبوع كنا علي موعد زيارة علياء خطيبة زياد التي حدثتها أكثر من مرة وبدت لي إنسانة محبة ورائعة  .ذهب زياد في الصباح لإحضار علياء ووالدتها وأختها من محطة القطار وأوصلهما إلي فندق قريب بناءا علي رغبة والد علياء الذي لم يحضر معهم..بينما انشغلت مع جدتي وزوجة خالي في أعداد وليمة تليق بعلياء وعائلتها وحضرت السيدة أمينة لتشاركنا الوليمة كانت علاقتي تحسنت بها بينما لم أستطيع معالجة  نفوري من ابنها .لكن ني قررت أن أحسن التصرف من أجل يوم زياد المميز


يتبع




















تعليقات

  1. رغم انها المرة التانية للقراءة
    برضه فيه استمتاع
    ياللا على الجديد بأه

    ردحذف
  2. أتمني دائما أن أكونعند حسن ظنك
    وأن استمتع بتشجيعك وأمل أن أستحقه
    شكرا يا والدي العزيز

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مــواسم المطــر ...(5) ..قوس المطر

عداء الطائرة الورقية