سكــر ♥نبــــــات...................الحلقة الثالثة

لازمني منذ حضوري إلي هنا شعور دائما بالراحة لابتعادي عن دائرة الصراع بين أبواي حتى أن علاقتي بهما أصبحت شبه مقطوعة .لم تتصل بي أمي سوى مرة واحدة وهي التي كانت تطلب محادثتي وأنا في منزل أبي أكثر من مرة يوميا .أم أبي فاكتفت بإرسال مصروفي مع أحد معارفه . كلاهما كان يخشى ملاقاة جدتي.. . و كان خروجي من دائرة صراعهما مريحا لنا جميعا. لم اشتاق لوجودهما كما لم يشتاقا إلي. لكن بمجرد أن قالت لي جدتي أن لديها نبأ سارا ظننت أن أحدهما أتصل يسأل عني .لكن جدتي أخبرتني أن خالي وعائلته سيحضرون من القاهرة لإنهاء تجهيز شقتهم الجديدة هنا ..وخلال ذلك سوف يقيمون معنا..لم أجد في النبأ شيء سارا. غير أن جدتي ستنام في غرفتي وتترك غرفتها لخالي وزوجته بينما نترك الغرفة الإضافية لولديه زياد ومروان ..لم أكن أعرف أي شيء عن عائلة خالي إلا ما أخبرتني به جدتي أثناء أقامتي القصيرة معها فخالي مقيم في القاهرة ويدير أحدي شركات المقاولات التي يمتلكها هو وزوجته وأخيها بينما ولديه أحدهم مهندس معماري وهو زياد أم مروان الأصغر فمازال طالب بكلية الهندسة وسيصبح مهندسا إنشائي _ بدا الاستعداد لمجيئهم كالتأهب لملاقاة المجهول .تركت جدتي في غمرة سعادتها ودخلت غرفتي .أعدها لاستقبال جدتي كم تهيئ هي المنزل لاستقبال ابنها وأحفادها.. ملأني نشاط غريب حين اكتشفت أن السيدة أمينة جارتنا ستتخلي عن زيارتها المتكررة لنا ..ولكن سرعان ما أشتعل الغضب في نفسي عندما تذكرت ابن السيدة أمينة جارانا المقيت هذا وفعلته اليوم . ملأني الأسف علي صغيرتي الحبيبة سلوى.وتوجهت إلي النافذة لأملأ عيني منها قبل أن تغادر هي ووالدتها .كانتا علي وشك الانصراف فلوحت لهما مودعة وفرت من عيني دمعة لا أدري لها سبب أخذني التفكير فيها للتفكير فيّ كل هذا التغيير الذي حدث لي في فترة قصيرة كأنها عمر كامل..تنبهت علي صوت سيارة تقف أمام المنزل وهبط منها ذات الشبح بقامته الفارعة اجتاحني شعور غريب وودت لو تمكنت من إيذائه.لأول مرة أشعر بهذا الشر داخلي حتى هيئ لي انه تخطاني وملأ الغرفة وخرج من النافذة متوجها نحوه كان الشر كنار تعصف بي ورأيته يتعثر في خطاه فأفقت جزعة علي نفسي واعتدل في سيره فتنفست بارتياح وكأنني أفرغ الشر من داخلي أرعبتني تلك اللحظات فتوضأت وصليت ركعتين قبل أن أذهب لفراشي محاولة أن أغفو دون جدوى. فلقد كان في انتظاري يوم مختلف. 




تهيأت للذهاب إلي  درسي فنظرت جدتي إلي مندهشة فقد كانت عائلة خالي علي وشك الحضور ويجب أن أكون في استقبالهم لكنني تعللت بأن درس اليوم هام جدا ولا ضير من ملاقاتهم حين عودتي وانصرفت مسرعة قبل أن تبدأ في إقناعي بعدم الذهاب أو يحضروا فجأة وأنا لم أنصرف لم أكن أدري كيف استقبلهم وهل أنا ضيفة مثلهم أم أن هذا بيتي كما تقول جدتي دائما كان من الأفضل التعلل بأهمية الدرس الذي لم أفهم منه كلمة واحدة لأنني كنت أفكر فيما ينتظرني لدي عودتي للمنزل

لم أنسي المرور علي سلوى قبل الصعود للمنزل وملأ حقيبتي بقطع سكر النبات التي لابد سأحتاجها بشدة.. أخرجت مفتاحي وترددت في استخدامه فطرقت الباب ومرت الثواني متثاقلة حتى إني أغمضت عيني لكي تتسارع
و انفتح  الباب ومن خلفه ظهر شاب اعتقدت أنه أحد أبناء خالي كان يحمل كثيرا من ملامحه غير أنه كان أكثر وسامة وأطول قامة بقليل
- ليس مروان ..ثم ابتسم إلي ..لا بد إنك سارة ..ثم مد يده لي ..أنا زياد
كان صوته دافئ جدا وابتسامته مريحة وحنونة بددت توتري وشجعتني أن أستكمل خطواتي نحو الداخل ..كان خالي يجلس  بين جدتي وزوجته سيدة جميلة جدا ورشيقة تبدو أصغر من سنها بكثير بدت كأخت أكبر لزياد  لدي رؤيتها تأكدت أن ابنها ورث عنها الوسامة والجاذبية الشديدة ..بعد تحيتهم انصرف زياد نحو الشرفة فقد بدا أن أحدهم بصحبته شعرت براحة كبيرة بعد ملاقاة خالي وزوجته وزياد . راحة لم تستمر كثيرا حين خابت توقعاتي ورأيت السيدة أمينة خارجة من المطبخ تحمل العصير للجالسين وتتعامل وكأنها صاحبة المنزل والجميع كضيوف حتى خالي وزوجته الأمر الذي بد أن لا أحد يراه بالسوء الذي أراه
سألتني جدتي أن كنت أضعت المفتح ..فلم أدري بما أجيبها .وحين كررت سؤالها لي ..أخرجت المفتاح من حقيبتي دون  رد
نظرت لي بدهشة وسألتني لّم لم أستخدمه أذن؟؟ ..لم أدري بماذا أجيبها وأنقذني رنين جرس الباب. وخروج زياد من الشرفة مؤكدا أنه مروان هذه المرة
توجهت كالجميع بنظري إلي الباب بينما خرج مرافق زياد من الشرفة وحين لمحته هاجرت الدماء من جسدي كله إلي مكان غير معلوم وهاجمتني رياح الخوف ...نعم كان جارانا ابن السيدة أمينة ..ذات الشيح مطلق الشر بداخلي
لم يفلح دخول مروان المرح في إزالة إحساسي بالخوف والانزعاج  حتى أنني سلمت عليه وأنا أرتعد وانطلقت إلي غرفتي متعللة بتبديل ملابسي استعداد للغداء التي كانت السيدة أمينة تعد المائدة لأجله
حاولت إن استعيد هدوئي حتى أخرج مرة أخري دون جدوى لكن جدتي لم تمنحني فرصة أعادة المحاولة فنادتني لتناول الغداء
كان الحديث أكثر من ودي .لولا إحساسي بهذا الانقباض الخانق لكان أجمل اجتماع عائلي حضرته..بدت جدتي في غاية السعادة   ..زياد ومروان الأكثر ضجيجا ومزاح. كان زياد ينظر لي مطمئنا كل حين كأنه شعر بما أعانيه وربما تخيل أنه خجل لا أكثر .كان صوت وحده كفيلا ببث الاطمئنان داخلي . تحولت أذناي لجهاز استشعار لا يمتص إلا صوته و تساءلت لما لا يخبرونا في دروس الفيزياء أن هناك موجات صوتية تكون مصحوبة بموجات حرارية أم أن هذا اكتشافي أنا لم يعرفه أحد قبلي ..
أفقت من اكتشافاتي  المذهلة علي سؤال من مروان علي مكان نومه..وأشارت جدتي  إلي الغرفة التي جهزتها له ولزياد ..فأنتفض مروان واقفا  مما أثار دهشة الجميع...
- لماذا لا تكون لي نفس الغرفة التي أعتدت عليها
توقعت أنه يشير إلي غرفتي ... لكن أي غبي هذا لقد رآني أتوجه إليها لأبدل ملابسي وأخرج منها منذ قليل أيضا
أكمل حديثه معللا لتصميمه بسبب واهي وأحمق مثله

- لكنني أريد أن تكون حجرتي هذه ...وأشار نحو حجرتي
- يروقني مراقبة السماء من نافذتها
أجابته جدتي في حسم
- لكنها الآن حجرة سارة  وسيلتزم الجميع بما خططت له مسبقا
- ولماذا سارة تبقي في هذه الحجرة وأنا لا ؟؟
كان  يتصرف كطفل مدلل كل ما كان ينقصه هو أن  يركل الأرض بقدميه
تدخل خالي ونهره ..أي سبب هذا يمكنك مراقبة النجوم من نافذة الحجرة الأخرى
- لا هناك شجرة  كبيرة أمام النافذة
لم أستطيع أن أتابع باقي المناقشة تركت المائدة ودخلت إلي مكان النزاع لا ادري كم ابتلعت من قطع سكر النبات لكن مرارة الموقف ظلت عالقة بحلقي شعرت أنني تعرضت لمهانة أكبر من قدرتي علي التحمل وخصوصا في وجود غرباء معنا
..في بعض الأوقات لا تفلح وصفة جدتي ..التي طرقت الباب ودخلت كعادتها
نظرت إلي  تود أن تقرأ ما يدور في رأسي..لكن رأسي كانت  مزدحمة تدق  فيها طبول كطبول الحرب
- يمكنني أن أذهب لأبي حتى نهاية الزيارة
صمتت برهة ثم أمسكت بكتفي وأوقفتني أمام المرأة
- أنظري قلت لك الناس لا تحب العابسين ..ثم أن وجهك يبدو أجمل عندما تبتسمين
كانت تتعمد تجاهل عباراتي وخطت نحو الباب وهي مازالت تخاطبني
- لا يسمح بترك تناول الطعام فجأة وخصوصا وأنت لديك ضيوف ..شيء أخر يجب أن تنتبهي له  يجب أن تحرصي علي ارتداء حجابك خارج هذه الغرفة فمعنا الآن رجالا لا يجوز لهم رؤيتك حاسرة الرأس
وجدتني أضحك لا أدري لماذا
- لماذا لا يأتون في فصل الشتاء أذن ؟؟!!
 ألتفت جدتي لي وهي تضحك  - وهل الحجاب زى شتويا
وفتحت  زراعها فأسرعت ألقي بجسدي بينهما
- جدتي أنت رائعة أجمل من أي حلوي في العالم
 يتبع                                                                             




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مــواسم المطــر ...(5) ..قوس المطر

عداء الطائرة الورقية