سكــر ♥نبــــــات...الحلقة الثانية




في انتظار أحكام جدتي العرفية جلست أمامها صامتة.لم أكن لأعترض بأي حال ولا أعلن إلا الانصياع التام لقوانينها وقواعدها التي لم تكن سوي مواعيد لكل شيء الاستيقاظ النوم..مشاهدة التلفزيون..المساعدة في المنزل ..لم تكن بالأشياء المزعجة أو التي تستدعي أي اعتراض..

..أزعجني شيء أخر ..شعبية جدتي الطاغية بين جيرانها لا تكاد شقتها تخلو من جارة تزورها وأخري تستشيرها في أمر ما وثالثة تطلب منها وصفة مجربة.كان ذلك أمرا عسيرا علي من قضي حياته منزويا مثلي فلم أتمكن من الـتأقلم مع هذا الوضع ولا أن أمد جسور التواصل مع الجيران كما تمنت جدتي.بل بدا مني نفور من البعض كان للسيدة أمينة التي تسكن في الشقة المقابلة لنا النصيب الأكبر منه….فقد كانت شبه مقيمة معنا لا تنصرف تتجول في الشقة وكأنها في بيتها نادرا ما تذهب لبيتها تفاديها ليس له إلا سبيل واحد هو الاختباء في غرفتي .

 وكان أكثر ما يثير جنوني أنني  كلما سألت جدتي عن شيء كانت أجابتها الشبه متكررة " اسألي أمينة" .تخيلت أنها بلا عائلة أو أنها تنفر من البقاء مع ابنها ذاك الشبح الذي لمحته يوم وصولي لكن أين باقي أفراد أسرتها ؟؟! …
أخبرتني جدتي أن السيدة أمينة لديها ابنة متزوجة لكن في مدينة أخري ..أم زوج السيدة أمينة فيعمل في أحدي دول الخليج مع زوجته الأخرى – زوجته الأولي- لم أدري ماذا يحمل سيدة في منتصف العمر وجميلة أن تتزوج رجل لا تراه إلا كل عام وله زوجة أخري وأبناء ..كانت السيدة أمينة لغز لا أريد تفسيره بقدر ما أردت التخلص منه..


كنت أترقب أوقات خلو المنزل النادرة حتى أنعم بصحبة جدتي..أليس لي نصيبا  فيها  كهؤلاء الجارات؟؟!!

جلست في عصر أحد الأيام أختلس دقائق صغيرة مع جدتي أراقبها بينما هي مستغرقة في مشاهدة التلفزيون.كانت لحظات تحمل دفء العائلة التي أفتقدها. حتى سمعنا صوت جرس الباب .. لينهي هذه اللحظات الدافئة بدخول السيدة أمينة.انتابتني  رغبة في مغادرة الشقة عند دخولها .ودون تفكير قولت لجدتي سأذهب لشراء شيء أحتاجه

نظرت إلي جدتي مندهشة ..فأسرعت أخبرها أني لن أغيب فسوف أحضر ما أحتاجه من الكشك الصغير..وانطلقت بلا تفكير أملء رئتي بهواء الشارع ..وأمام الكشك الصغير وقفت أتأمل ملامح السيدة المتشحة بالسواد .. حتى تنبهت علي صوتها .
- .ماذا تريدين يا بنيتي؟؟
لم اعرف بماذا أجيبها


- ممممممممم هل لديك سكر نبات ؟؟
 نظرت إلي السيدة مندهشة ..-  ماذا قلتي سكر نبات؟؟!!
- - نعم ..هل لديكي ..سكر نبات
- في الحقيقة ليس لدي سكر نبات الآن يمكن أن احضره لكي خصيصا ألست قريبة السيدة سميحة ؟؟
- نعم هي جدتي

- طلباتك أوامر أذن ...عندما أحضر السكر نبات سوف أرسله لك مع أبنتي الصغيرة سلوى
أصبحت سلوى ووالدتها ضمن عالمي الضيق ولا أدري لما سمحت لهم بالدخول. بدءا يلاحظا وقوفي صباحا في الشباك أراقبهما فيلقيا علي التحية
تحضر لي سلوى الصغيرة قطع سكر النبات الرائعة ونتقاسمها معا كانت سلوى تستعد لدخول الصف الثالث الابتدائي.انفصلا والداها مثلي لكن والدتها لم تتزوج بعد أنفصلها عن زوجها وفضلت إن تكتفي بسلوى رفيقة لها.

سعدت جدتي كثيرا بعلاقتي بسلوى الصغيرة .وجدت فيها مؤشرا جيد علي أمكانية خروجي من شرنقتي إلي العالم الرحب .

أصبح يومي مشغولا ومشحونا جدا لقد بدأت الاستعداد لعامي الدراسي الجديد فالعام القادم سأنتهي من دراستي الثانوية وجدتي  تريدني أن أحصل علي مجموع كبير أكبر مما حصلت عليه في المرحلة الأولي وأنا أقيم مع والدي..هي لم تقول هذا صراحة لكني فهمت ما أرادت دون أن تحدث بالطبع.وفي الحقيقة كنت أريد أن أسعدها وأحقق لها ما أرادت.فبدأت الذهاب لأحد مراكز الدروس الخصوصية القريب من المنزل .
لكني لم أقطع علاقتي أبدا بسلوى ووالدتها..اعتدت المرور عليهما أثناء ذهابي.وعودتي  ولا أنسي أن أتقاسم مع سلوى سكر النبات واحتفظ بقطعة لجدتي.

في طريقي للذهاب إلي المركز أحد الأيام وبينما أنا في طريقي إلي صغيرتي سلوى وجدت جارانا هذا الغريب ابن السيدة أمينة وأول من رأيته من سكان عمارتنا.يعنف سلوى بشدة وهي تبكي بينما والدتها لا تتكلم
كم هو كريه هذا الجار يتربص بالضعفاء دائما لم  تطاوعني قدماي علي التحرك حتى بعد انصرافه.ولم أمر علي صغيرتي سلوى وظللت طوال الطريق أفكر في شيء واحد ..كيف أنتقم من هذا الجار .. سيطرت فكرة الانتقام علي حتى أني لم أستوعب كلمة واحدة من الدرس.في طريق عودتي اشتريت لسلوى لعبة صغيرة وكم كانت فرحتها بالهدية البسيطة فلم أشاء  أن أسألها عن ما رأيته وأنا منصرفة كي لا أذكرها ..لكن سعادتها وابتسامتها الرقيقة جعلتني أكثر تصميما علي الانتقام من هذا الجار ..
لاحظت جدتي تغييري عندما عدت إلي المنزل وسألتني عن سر انزعاجي ..لكني لما أخبرها  بالطبع.
ولكنها أخبرتني أن لديها نبأ سار سيسعدني جدا

يتبع






.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مــواسم المطــر ...(5) ..قوس المطر

عداء الطائرة الورقية